طريف السيد عيسى
السويد - أوربرو تاريخ الميلاد : 28/05/1959 العمر : 65 عدد الرسائل : 12 تاريخ التسجيل : 30/10/2009 نقاط : 5535
| موضوع: مسؤول حتى الموت رغم أنف الجميع الأربعاء نوفمبر 11, 2009 12:27 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم المسؤولية والشورى مسؤول حتى الموت رغم أنف الجميع (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) سورة الأحزاب - 72 . (المؤسسة والبناء المؤسسي، الأمل المنشود والحلم المفقود، يتمناه الجميع ويتطلعون له ويحلمون بالوصول إليه. فكم أنفقت من أموال وكم بذلت من جهود، من أجل إعادة بناء المؤسسات، وكم أجريت من دراسات، وكم عقدت من جلسات وكم أبرمت من صفقات، وكم حررت من وثائق وأدبيات، طمعا في هذا الأمل المقصود. لقد خلق الله الإنسان وفطره على حب ذاته والتعصب لأفكاره ، فهو طموح يعتد برأيه ويحب من يوافقه ويبادل العداء من يعانده ويضاده، ويميل إلى حب التفرد والسيطرة على الآخرين، مع تفاوت بين الناس في تطبيق هذه المفاهيم. وتحت ظلال هذه الفطرة وضغط هذه الغريزة، يتمسح الناس بالمؤسسات ويزعمون أنهم من أهلها ومن صناعها، وأكثرهم - إلا من رحم الله - في الحقيقة متصنعون، فتراهم تارة ينادون بالمؤسسية، وتارة يقومون بالتنظير لها، من أجل الإثبات للآخرين بأن لديهم عقولا جماعية، وأفكاراً بعيدة عن الفردية وعن حب التسلط والسيطرة، تفاديا لذم الناس، وحذرا من نفورهم عنهم، بسبب هذا المسلك الذميم. ولك بالمقابل أن تتأمل في النفس التي تسمو فوق هذه الغريزة، فتمتلك روحا مؤسسية وتفكر بعقلية جماعية، فتراها تقدم رأي الجماعة، وتتنازل عن التعصب لرأيها رغبة في وحدة الصف وقوته، وحذرا من تمزقه وإضعافه، إشباعا لهذه الغريزة. لك أن تتأمل بهذه الشخصية الفريدة، ولك أن تتعجب من ندرتها وقلة وجودها، إنها تسبح ضد تيار جارف من الغرائز البشرية والطباع الآدمية، مخالفة بذاك طباعهم وأهواءهم.) البناء المؤسسي – محمد بن ناجي عطية . يمثل العمل المؤسسي الصورة التي يتطلع إليها المهتمين بشأن العمل الإسلامي , فهذه الصورة غائبة أو مغيبة عن كثير من مؤسسات العمل , وهذا الغياب منه ماهو مقصود ومتعمد لغرض التفرد , ومنه مايكون بسبب الجهل وعدم الخبرة في العمل المؤسسي والإداري . نصاب بالعجب عندما نرى كثير من العاملين في حقل الدعوة , يطالبون حكام بلادنا بالمؤسسية والحرية وسيطرة القانون , بينما تجدهم أكثر الناس فردية وديكتاتورية من أولئك الزعماء . إن كثير من مؤسسات الدعوة على إختلاف الأسماء والأفكار والرايات , تعاني من القيادة الفردية , وانعدام المشاركة والشورى . وهذا مايدعونا جميعا إلى إعادة ترتيب أوضاعنا ومأسسة العمل للتخلص من فكرة القائد الفرد المستبد . وأهم سبب لسيطرة العقلية الفردية هو انعدام اللوائح التنظيمية , والهيكيلية الإدارية , وعدم وضوح وتحديد الصلاحيات , والإرتجالية وعدم اتباع الطرق العلمية في الإدارة , وغياب التفكير الجماعي . كثيرا مانسأل : لماذا يفشل العمل ؟ لماذا الجهد المبذول ضخم بينما النتائج قليلة ؟ الجواب : غياب الشورى , وعقلية التفكير الجماعي , والأسس العلمية في الإدارة , كل ذلك يؤدي لضعف الإنتاج , والتخبط في القرارات , وعزوف الناس , وضعف الثقة في المؤسسات . ماهو العمل المؤسسي : هو شكل من أشكال التعبير عن التعاون بين الناس , أو هو الميل لقبول العمل الجماعي وممارسته على أرض الواقع – العمل المؤسسي – محمد أكرم العدلوني . ويمكن القول أنه : التجمع المنظم بلوائح يوزع العمل فيه على إدارات متخصصة , ولجان وفرق عمل , بحيث تكون مرجعية القرارات فيه لمجلس الإدارة , أو الإدارات في دائة إختصاصها , أي أنها تنبثق من مبدأ الشورى الذي هو أهم مبدأ في العمل المؤسسي – حتى تخرج دعوتك من نطاق الفردية – أسماء الرويشد . فهي آداء العمل المطلوب بإحسانه وإتقانه على أكمل وجه وفي الوقت المحدد , وهي ليست كلمة تقال باللسان , بل فعل على الأرض بكل صدق وإخلاص وتجرد وتضحية وتفكير جماعي . وهي أيضا أمانة ويجب أخذها بكل صدق وقوة وأن نوفيها حقها . ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه : إنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها ) . فوائد العمل المؤسسي - يحقق التعاون والتنسيق بين كافة اللجان والفروع والأنشطة . - يحقق مبدأي التكامل والتوازن في العمل . - يحق الإستقرار في العمل . - يجعلنا نستفيد من كافة الطاقات والإمكانيات . - يضمن الإستمرارية في العمل بهمة ونشاط . - تنعدم الفردية والتفرد . - يكون الجميع تحت سقف اللوائح والنظم . - يقدم البدائل باستمرار . - يعطي الشرعية للعمل . - يجعل الناس أكثر ثقة بالعمل . - يوصل لأصوب القرارات . - يجنب المؤسسة التهور والتخبط والإنحراف . عوامل نجاح العمل المؤسسي - القناعة بضرورة العمل الجماعي ونبذ الفردية . - الصدق والإخلاص والتجرد والتضحية . - التجربة والخبرة والكفاءة وبعد النظر . - القدرة على المتابعة والإستمرارية والتقييم . - التحمل وسعة الصدر . - المشاركة الجماعية في صياغة القرارات والمشاريع . - التنويع في الإدارات واللجان , بحيث تواجد أشخاص من بيئات مختلفة . - ترسيخ لغة الحوار والنقاش ضمن الأصول والقواعد المتعارف عليها . - تحديد ثوابت عامة للعمل لايجوز الخروج عنها , وتعتبر مرجعية للعمل . - تجنب الخلافات الشخصية وعدم إقحام العمل بها , وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة . - إختيار الشخص المناسب على أسس علمية وموضوعية . - تجنب الغلو أو النقد باستمرار لبعض الأشخاص . وأذكر مثالا عمليا على فشل العمل : ففي أحد المراكز الإسلامية تم إنشاء مجلس شورى , وبعد العمل بفترة , تم التوصل لقناعة أنه يجب حل هذا المجلس لأنه أصبح عبء على المركز , وأصبح بؤرة للمشاكل , فكان القرار النهائي بإلغاء مجلس الشورى , ولوأردنا التعرف على أسباب الفشل لأمكننا القول : - غياب مفهوم ومعنى وأصول الشورى عند البعض . - لم يتم إختيار الأعضاء على أسس علمية وموضوعية ومنطقية . - جهل البعض بأسس وأنظمة الإجتماعات واللقاءات . - عدم توفر رؤية واضحة في تقديم المشاريع واتخاذ القرارات . - النية المبيتة لدى البعض لإفشال العمل لعدم سير المجلس وفق عقليتهم وطريقة تفكيرهم . - تقديم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة . - رغبة البعض في حب الظهور وتولي مسؤولية المجلس . - فرض الرأي القائل أن الشورى غير ملزمة من قبل الجهة المسؤولة عن المجلس . - عدم تدخل الجهة المسؤولة لوضع حد للأعضاء المخربين داخل المجلس . - عدم وجود لوائح ونظام يضبط وينظم عمل المجلس . - أسباب فشل العمل وضعف النتائج - غياب عقلية العمل الجماعي وسيطرة العقلية الفردية . - انعدام الخبرة والكفاءة في العمل الإداري . - عدم وجود أنظمة ولوائح وصلاحيات . - ضعف التنسيق بين أعضاء الإدارة واللجان . - عدم تنفيذ القرارت , أو التعامل مع القرارت بمكيالين , وحسب الجهة التي اتخذت القرار . - خرق بعض القرارت من قبل بعض الأشخاص الذين هم أعضاء في الإدارة أو اللجان . - تداخل الصلاحيات , والتعدي عليها من قبل الآخرين . - المجاملة والمحسوبية ووضع الشخص الغير مناسب في المكان المناسب . - تسريب أخبار العمل والقرارات من قبل بعض الأعضاء . - محدودية الموارد المالية . - الغموض في الأهداف . - انعدام الشفافية في كل شئ . - وجود تيارات ومحاور داخل الإدارة أو اللجنة الواحدة . - ربط كل الأمور بيد فرد , وغالبا مايكون المسؤول الأول في المؤسسة . إن التفرد في العمل مهما وجدنا له من مبررات , فإنه شكل من أشكال الإستبداد المنتشر في مجتمعاتنا , حيث تقوم المؤسسة على عقلية الفرد الذي يفهم في كل شئ , وماعلى الباقين سوى السمع والطاعة , وكل من ينتقد أو يعترض فهو متهم بالعصيان والتمرد وشق الصف وخلق الفتن . وعندما أتحدث عن النقد والتقييم فأقصد ذلك النقد الصادر فقط للتشكيك والطعن بالآخرين من أجل أن يبقى الناقد وحده بالساحة . الأسباب التي تؤدي للتفرد - الإعجاب بالنفس , واتباع الهوى , فالمعجب بنفسه يعتقد أنه هو الفهيم الوحيد بين العاملين , كما أنه يمتنع عن التعرف على آراء الآخرين وإمكانياتهم , وينطلق من قاعدة فرعون : ( لا أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) سورة غافر – 29. ( ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ) سورة القصص – 50. - الجهل بضرورة ومعنى الشورى . - حب السيطرة , فهناك من يعتقد أنه لاينجح العمل إلا بالسيطرة على العمل . - ضعف الثقة بالناس , فيتوهم المستبد أن كل من حوله ضعاف لارأي لهم , وتفكيرهم سطحي , وغير قادرين على تقدير المصلحة , وبدونه سينهار العمل . ولو نظرنا في قصة سليمان عليه السلام مع الهدهد , فنجد رغم علم سليمان ونبوته , لكننا نجد أن طير ضعيف قال : ( أحطت بما لم تحط به ) سورة النمل – 22 . - الإستهتار والإستخفاف بما لدى الغير من أفكار , وسوء التقدير لإمكانيات الغير . - التساهل والتسويف , فالبعض يعد ويسوف , سأعمل , سأستشير , ويمر الوقت ويضيق ولا ينجز شئ . - العجلة والتسرع , فهناك من لايعرف الحلم والأناة والتروي , فما إن يلوح له أمر ما حتى يتسرع في إتخاذ القرار. - التردد . ( فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ) . وضع المؤسسة الخاضعة للعقلية الفردية - فهي بدائية في العمل الإداري , وتعمل بارتجالية ومن دون خطط أو برامج . - لايوجد لديها نظام ولوائح وصلاحيات . - تأثيرها محدود في البيئة المحيطة . - غير مستقرة وتتعرض باستمرار لهزات ومشاكل . - - لاتلقى الإحترام المطلوب . - هي محل نقد باستمرار . - لاتكتسب الشرعية المطلوبة . - غير قادرة على إستيعاب الطاقات البشرية وتوظيفها , أو الإستفادة من الإمكانيات المتاحة . - تجدها واقعة تحت سيطرة فرد واحد , حيث لايمكن البت في الأمور إلا بوجود هذا الفرد . ومما يؤسف له أننا نجد من يجلس ويتحدث وينظر حول رسالة الإسلام التي جاءت لتقف بوجه كل أشكال الإستبداد , وتوجب الشورى . يقول الله تعالى : ( وشاورهم في الأمر ) . ( وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ماتشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمرهم ) . إن الفردية مرض , ولايمكن القضاء عليه إلا من خلال تحصين المؤسسات بلقاح الشورى والمشاورة وعقلية التفكير الجماعي . ولما للشورى من أهمية فلقد ساقها الله تعالى مع مجموعة من فرائض الإسلام . ( والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون ) سورة الشورى – 38. ففي آية وشاورهم في الأمر , وآية الشورى رقم 38 يتضح وجوب الشورى وأهميتها , وأنها السبيل الوحيد للمشاركة وتلاقح الآراء والوصول لأصوب القرارات والمواقف . إنها فريضة إلهية ولاخيار في التخلي عنها , فهي شاملة لحياة المجتمع . ( قال ابو هريرة رضي الله عنه : ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) . ( جاء في شرح الجامع الصغير للشيخ عبد الرؤوف المناوي قوله في المشورة : إن المشورة عماد كل صلاح وباب كل فلاح ونجاح ) . وبالعودة للآية 38 من سورة الشورى فنجدها نزلت على المؤمنين في مكة ولم تقم بعد للمسلمين دولة , كما أنها ربطت بين الأخذ بالشورى وبين الإستجابة لله ورسوله , مما يدل على عظمة الشورى ومكانتها . ( يقول الخليفة علي ابن أبي طالب رضي الله عنه : في الشورى سبع خصال : استنباط الصواب , واكتساب الرأي , والتحصن من السقطة , وحرز من الملامة , ونجاة من الندامة , وألفة للقلوب , واتباع للأثر ) . ( وقال ابن عبد البر : الشورى محمودة عند عامة العلماء , ولا أعلم أحدا رضي الإستبداد , إلا رجل مفتون مخادع لمن يطلب عنده فائدة ...) التحرير والتنوير ج4 ص 150. من الواضح أن الشورى لا تختص بالتشاور بين اثنين بل تعم كل الأمة , اذ أن الغرض من التشاور هو تمحيص الآراء واستكشافها من أجل التوصل إلى أفضل الحلول والصيغ، لذلك كلما ازداد المتشاورون زادت فرص الحصول على الأفضل والأصوب، وإذا كان بناء العقلاء على التشاور في الأمور الخاصة، فإن الأمر يصبح أكد وأكثر ضرورة عندهم إذا تعلق الأمر بالمصالح العامة التي يشترك فيها الآخرون، وحينئذ فلا يستطيع أي شخص أن ينفرد باتخاذ قرار ما لوحده ليتصرف في شؤون الآخرين إلا إذا حصل على تفويض من الآخرين بالتصرف . أهداف الشورى - الإستجابة لأمر الله وطاعته . - البحث عن الحق والصواب والأقرب لهما . - إكتشاف الطاقات والمواهب . - جمع القلوب وتأليفها . - التدرب على تقبل الآراء المخالفة . - تنسيق الجهود والاستفادة من كل ماهو متاح . - سد الثغرات التي ينفذ منها الشيطان . - تمتين أواصر العلاقات . - سد الطريق على التفرد . - تحمل المسؤولية بشكل جماعي . -
كيف تكون الشورى ( تمتد مساحة الشورى حتى تشمل الأمة المؤمنة كلها , وتضيق حتى تشمل الأفراد , ويحدد ذلك أمور : الواقع البشري , القضية المطروحة , ظروف الأمة المؤمنة , الحالات الطارئة , الطاقة البشرية المتخصصة والمؤسسات المتخصصة , التنظيم الإداري ومستويات المسؤولية والأمانة , كل ذلك من خلال منهج الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم , والشورى لاتسقط عن الأمة أبدا مهما ضاقت بها الظروف , أو اشتدت المحن , ومن هنا تكون مسؤولية الجهد البشري المؤمن أن يتجاوب مع كل ظروفه ليلبي داعي الشورى وفقا لقواعد منهج الله ...) كتاب ملامح الشورى ممارسات خاطئة أثناء الشورى - حجب بعض المعلومات عند ممارسة الشورى . - تزيين رأي معين قبل الدخول في الشورى لجعله هو الرأي المفضل . - تسفيه الآراء المخالفة . - إستغلال الخصومات الشخصية لإفشال الشورى . - إستغلال المكانة من قبل البعض لتمشية أمر ما . - عدم إعطاء الفرص المتكافئة في طرح الآراء . - إختيار توقيت وظرف معين لتمرير قرار ما . - خلق حالة الفوضى لتجميد الشورى وجعلها تراوح في مكانها . فالإنسان لا يستغني عن المنظمة أو المؤسسة، منذ ولادته حتى وفاته، لاسيما على رأي من عرف المنظمة أو المؤسسة - باعتبارهما معان مترادفة - بأنها تجمع لشخصين، أو أكثر، جمعتهم أهداف مشتركة، فبناءً على هذا المعنى، دخل البيت والمدرسة والجامعة والمسجد والمستشفى والمتجر والمؤسسة والجمعية، وكل ما يمس حياة الناس في مفهوم المنظمة أو المؤسسة، والتي لا يصلحها إلا التعاون والتفاهم والعمل بروح الفريق الواحد المتعاون، ولا يخربها ويفسدها ويضعفها إلا حب التسلط والتفرد وتهميش الآخرين، والتمتع بحب الظهور على حساب جهودهم. فإذا علمت حجم وجود المؤسسات المحيطة بنا، وحجم الجهود المطلوبة لإنجاحها، علمت حينئذ كم أضاعت الأمة من الجهود والأموال والأوقات، حينما لم يستوعب الناس معنى المؤسسة والفكر المؤسسي، وعلمت حينئذ حجم التحديات التي تنتظر الأمة كي تبني مؤسسات ناجحة على أسس سليمة. والعمل المؤسسي، أمرا ميسوراً ومقدوراً عليه، وتحقيقه ليس من المستحيل أو من ضرب الخيال. والتعاون والتكاتف والتآلف بين الناس، يصنع النجاح ويذلل الصعاب ويبارك الجهود، وما ذاك إلا ثمرة لعون الله تعالى للمؤمنين، إذا التزموا أمره، إذ يقول: ( وتعاونوا على البر والتقوى ) سورة المائدة – 2 (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه: فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية) رواه أبو داود وحسنه الألباني . وهي سنة كونية استفاد منها غير المؤمنين حين أخذوا بأسباب القوة، فجعلها الله سبباً لنجاحهم وتفوقهم المادي. لقد وضع الناس اللوائح والأنظمة؛ في محاولة لتطبيق العمل المؤسسي، لكنها تظل حبيسة لفطرهم تلك، وسيظل نجاحها متوقفاً على مدى رغبتهم في التخفيف من طغيان تلك الغريزة، ومتى لم تشأ فطرهم ذلك، لا تفلح كل هذه الأنظمة في شيء وستبقى حبرا يملأ الأوراق، وشعارات تردد وتبرز، لإثبات المسلك المؤسسي للمتنفذين ، عند الحاجة لذلك، حتى ولو كان الواقع يخالف تلك الشعارات. وما نجحت الدول الكبيرة والمؤسسات العريقة، إلا لأنه توفر لديها فكر المؤسسة، فكان المهيمن، وتقلص دور الفرد، حتى صار تابعا لفكر المؤسسة وليس مهيمنا عليه، وصار غياب الفرد أو حضوره لا يؤثر كثيراً في النشاط الرئيس للمنظمة. نسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا . طريف السيد عيسى السويد . 11/11/2009 | |
|