ما زال قيسٌ والغرامُ كعهدهِ *** وربوعُ ليلى في ربيعِ جمالِها
والعشقُ فيّاضٌ، وأمةُ أحمدٍ *** يتحفَّزُ التاريخُ لاستقبالِهـا
حينما جادتْ قريحةُ شاعرِ الشرق الدكتور مُحمّد إِقبال بهذه الأبياتِ الرائعةِ كان كمَنْ يستقرءُ مستقبلَ الدينِ الإسلامي في الغرب، ذلك الدينُ الذي يقولُ عنه الأديبُ البريطانيُّ الشهيرُ برنارد شو " إنَّ الدنيا بأكملها ستقبلُ الإسلامَ، وإِنْ هي لمْ تقبلْه باسمهِ الصريح فستقبله باسمٍ مستعارٍ! وسيأتي يومٌ يعتنقُ فيه الغربُ دينَ الإسلام، وإنَّ عقيدةَ النابهين والمثقفين في المستقبل ستكونُ الإسلام"..
لقد جاءتِ الإحصائياتُ الغربيةُ لتؤكدَ على أنّ الإسلامَ هو الدينُ الأسرع انتشاراً في العالم وبخاصةٍ الدول الغربية، ففي تقريرٍ نشرَهُ موقعُ الـ "سي إن إن" بعنوان: (النمو السريع للإسلام في العالم الغربي) يعترفون أنَّ أعدادَ الذين يعتنقون الإسلامَ كلّ عام في العالم الغربي كبيرٌ جداً وهو في تسارعٍ مستمر، كما أكدتْ دراساتُ مركز ( رصد العقائد ) في مدينة ( برن ) بسويسرا: بأنه على الرغم منَ الوسائل البدائية العفوية التي يستخدمها المسلمونَ في الدعوةِ إلى الإسلام ، وعلى الرغم مِنْ أنهم لا يزالون يَحْبون في طريق الدعوة ، وعلى الرغم مِنْ صورة المسلمين المشوَّهة التي تعاون على رسمِها المسلمونَ بتخلفهم ، والحاقدونَ من الغربيين..على الرغم منْ كل ذلك.. فلا زالَ الإسلامُ هو الدين الأكثرُ انتشاراً في العالم .. الكثيرُ منَ الإحصائيات والتقارير الغربية تتفقُ على أنّ الإسلامَ هو دينُ المستقبل في بلاد الغرب، والكثيرُ منَ الغربيين يسارعونَ إلى اعتناق الإسلام متخطّينَ حواجزِ البيئةِ الثقافية والاجتماعية، وحملاتِ الدعاية المعادية للإسلام، الساعية لتشويه تاريخِه وحضارته ومبادئه، ومتخطينَ الواقع المر لتخلف المسلمين .
هذا الانتشارُ السريع للدين الإسلامي في العقدِ الأول منَ القرنِ الواحد والعشرين يُعتبرُ نوعاً من الفتوحاتِ غير التقليدية للدين الإسلامي، وهو ما دعي الكثيرَ منَ الغربيين إلى التحذيرِ مِنْ سرعة انتشارِ الإسلام ومحاولةِ العمل للحد منه، فها هو رئيسُ مجلسِ الشيوخ الإيطالي مارشليوبيرا يدعو المفوضية الأوروبية إلى ضرورةِ الحد من انتشار الإسلام في أوروبا مُعلقاً على نبوءةِ المستشرق الانجليزي بيرنارد لويس، التي مفادُها أنّ أوروبا ستصيرُ مُسلمةً في غضون مائة سنة، قائلاً: "تحدثتُ مع أحد الأساقفة الذين يهتمونَ بهذه المسألةِ فأكّدَ لي أنَّ الإسلامَ سيفرضُ نفسه في أوروبا بعد ثلاثين عاماً فقط، وأخشى أنْ يكونَ هذا الرأيُّ هو الحقيقة".
ما دعاني لكتابةِ هذا الاستقراء الغربي هو حُضوري لإشهار رجلين سويديين إسلامَهما في مسجد أوربرو في الأيام القليلة المُنصرمة.
الأول كهلٌ سويديٌ في العقد الخامس أو السادس من عمره كان يدعى بيرون وأصبح عبدالرحمن، سببُ إسلامِه مُتابعتِه لسلوكياتِ المسلمين في القريةِ التي يعيشُ فيها، حيثُ جذبه تعاطفُهُم وتآخيهُم وتراحمُهم والعائليةُ الموجودة بينهم والمنعدمةُ في المجتمع السويدي، كلُّ ذلك دعاه إلى القراءةِ عن الإسلام مِنْ مصادرَ محايدةٍ ما أمكنَ , وقراءةِ ترجمةِ القرآن المتوفرة باللغة السويدية ومن ثمّ إشهار إسلامه في عصر يوم الأحد الموافق 18 نوفمبر 2008م..
أما الآخرُ فهو "دانيال" شابٌ في العشرينات من عمره اعتنقَ الإسلامَ بعد قراءتِه المتمعّنةِ الطويلةِ لترجمةِ القرآن الكريم باللغة السويدية، حيث غيّر اسمه إلى "إبراهيم" وأشهرَ إسلامَه بعد صلاة الجمعةِ الموافقة 30 نوفمبر 2008م في مسجد أوربرو، وهو الآن مِنْ روادِ المسجد المتسابقين على الصف الأول..
وما علمتُه وسمعتُه مِنَ المسؤلين عنِ المسجدِ أنّ هنالِكَ أكثرَ مِنْ سِتِ نساء سويديات أشْهرنَ إسلامَهُنَّ في الفترة القريبةِ الماضية منَ الربع الأخير لعام 2008م ، وهو ما يُدلّلُ على أنّ النساءَ أكثرَ تقبّلاً ومسارعةً لاعتناقِ الإسلام، فالمرأةُ تجدُ في الإسلام العدالةَ وتجدُ فيه كرامَتَها واحترامَ الرجلِ لها، في الوقتِ الذي تُعاني منَ احتقارِ الرجالِ لها، واستخدامِها كوسيلةٍ لتنفيذِ مصالحهم، فهي وسيلةٌ للدعايةِ والإعلانِ، ووسيلةٌ لتحقيقِ المكاسبِ ووسيلةٌ للمتعةِ فقط، أما الإسلامُ فقدِ ارتقى بالمرأةِ إلى أعلى درجةٍ، وجعلَ منها الأمَّ والمربية وجعلها النبيَّ الأعظم ضمن وصاياه: (استوصوا بالنساء خيراً)، وذُكرتْ في القرآن على أنها "خير كثير" لا يجوز الإساءةَ إليها مهما كرِهَهَا الرجل، ولذلك قال تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)، إنَّ كلَّ امرأةٍ تسمعُ هذه الآية لابدَّ أنْ تحترمَ الإسلامَ وتسارع للدخول فيه، ولكنَّ المشكلةَ ليستْ في الإسلام، ولا في تعاليمِ الإسلام، بل في الوسائل التي شَوّهَتْ صورةَ الإسلام ولا تزال.
أوربرو ليست سوى مدينة سويدية تحكي حال الآلاف من المدن السويدية التي تنتظر الإسلام بشوق وترحاب، والحال في السويد هو نفس الحال في غيرها من البلدان الغربية التي أضحى الإسلام فيها شمساً سطع ضوءها مبدداً ظلام الشرك والفوضى الأخلاقية التي غرق فيها الغرب..
لن أطيل فالقارئ لمقالات الإنترنت لا يحب التطويل والاستطراد وسأختم بقول الباحث كليمان هوارت : "أعتقد أن الإسلام قادم إلى أوربا بكل الحب ، وسيصبح المسلمون الأوربيون دعاة حقيقيين للإسلام ، وسيأتي يوم يصبح فيه الإسلام هو المحرك الحقيقي للعالم".
كل عام ونحن وأنتم إلى الله أقرب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
عبدالباسط السعيدي
abdulbaset@alusra.orgمؤسسة الأسرة